/ الفَائِدَةُ : (93) /
27/04/2025
بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / معنىٰ تنزيل القرآن الكريم وتأويله / / لا يُحيط بعِلْمِ التأويل إِلَّا الله وَأَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ / إِنَّ المراد من تنزيل القرآن الكريم : تلقِّي المقامات الكُلِّيَّة لحقيقته المُقدَّسة الصَّاعدة . والمراد من تأويله : تطبيق تلك المقامات الكليَّة الصَّاعدة علىٰ الموارد والدرجات المتوسطة والجزئيَّة. ثُمَّ إِنَّه لا يمكن لمخلوق قَطُّ الإِحاطة بجملة عَالَم تأويل القرآن الكريم إِلَّا أَنْ يكون قد أَحاط مُسْبَقًا بمراتبه الشَّريفة ، وأَنْ تكون قواه ـ المخلوق ـ صافية وخالية من كُلِّ زيغ وزلل واِنْحِرَاف . ولا يتسنَّىٰ جميع ذلك إِلَّا لأَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ؛ الَّذين نزل في حَقِّهم : 1ـ بیان قوله جلَّ قوله : [إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا] (1) . 2ـ بیان قوله عزَّ قوله : [وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ] (2) . وقد ورد في تفسير هذا البيان الشَّريف الكثير من بيانات أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ، الدَّالَّة علىٰ أَنَّ الَّذي يعلم تأويل القرآن الكريم هو : الله عَزَّ وَجَلَّ ، وَمَنْ زُوِّد بالْعِلْمِ اللَّدُنِّيّ و عِلْمِ التَّأويل . وبالجملة : إِنَّ (الواو) الدَّاخلة علىٰ كلمة (الرَّاسِخُون) والواردة في هذا البيان الشَّريف : [وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا] فسَّرها بعض مفسِّري المدارس الإِسلاميَّة الأُخرىٰ (3) بـ : الاستئنافيَّة ، فيكون معنىٰ الآية الكريمة : أَنَّ الَّذي يعلم تأويل القرآن الكريم ليس هو إِلَّا الله تبارك وتعالىٰ ، أَمَّا الراسخون في الْعِلْمِ فلا يعلمون به ، ويقولون [آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا] ، يعني : نُؤمن بالمُحْكَمِ والمتشابه . والْحَقُّ : أَنَّها عاطفة ؛ لعدَّة أَدلَّة ، منها : ما ورد في بيانات سورة الكهف الحاكية لقضيَّة النَّبيّ موسى والخضرعليهما السلام ، والدَّالَّة علىٰ أَنَّ لكُلِّ شريعةٍ عِلْم تأويل يُزوِّد به الباري جلَّ شأنه ثُلَّة من الأَصفياء ؛ لِيَتَمَكَّنُوا من خلاله إِقامة تلك الشَّريعة علىٰ وفق مراداته عَزَّ وَجَلَّ ومراضيه ، ومن ثَمَّ يكون معنىٰ بيان الآية الكريمة : أَنَّ الَّذي يعلم تأويل القرآن الكريم : الله عَزَّ وَجَلَّ وَمَنْ زُوِّد بالْعِلْمِ اللَّدُنِّيّ وعِلْمِ التَّأويل ؛ وهم أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ . وهذا ما تُشير إِليه بياناتهم ( صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ) ؛ المُفسِّرة لهذا البيان الشَّريف ، فانظر : منها : أَوَّلاً : بيان أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : «... وسلوني عن القرآن فإِنَّ في القرآن بیان كُلّ شيءٍ ، فيه علم الأَوَّلين والآخرين ، وإِنَّ القرآن لم يدع لقائل مقالاً : [وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ] لیس بواحدٍ ؛ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ منهم ، أَعلمه الله إِيَّاه فعلَّمنيه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ، ثُمَّ لا تزال في عقبنا إِلى يوم القيامة ...» (4) . ثانياً : بيان أَحدهما صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِما : «في قوله تعالىٰ : [وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ]، فرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أَفْضَل الرَّاسخين فِي الْعِلْمِ ، قد علَّمه الله جميع ما أَنزله عليه من التنزيل والتَّأويل ، وما كان ليُنَزِّل عليه شيئاً لم يُعَلِّمه تأويله ، وأَوصياؤه من بعده يعلمونه كُلّه ، والَّذين لا يعلمون تأويله إِذا قال العَالِم فيه بعلمٍ فأَجابهم الله بقوله : [يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا] (5) ، والقرآن له خاصّ وعامّ ، ومُحْکَم ومُتشابه ، وناسخ ومنسوخ ، وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يعلمونه»(6). ثالثاً : بيان الإِمام الصَّادق صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : «إِنَّ القرآن ... فيه مُحْكَم ومُتشابه، فأَمَّا المُحْكَم فيؤمن به ، ويعمل به ، ويدين به ، وَأَمَّا المُتشابه فيؤمن به ولا يُعمل به ، وهو قول الله : [فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا] وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ آل مُحمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ » (7) . ودلالة الجميع واضحة . وصلى الله على محمد واله الاطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الأَحزاب: 33. (2) آل عمران: 7. (3) كالرازي في تفسيره (٤:٢). (4) بحار الأنوار، 26: 64/ح146. تفسير فرات الكوفي: 9. (5) آل عمران: 7. (6) بحار الأَنوار، 23: 199/ح33. بصائر: 56. (7) بحار الأَنوار، 23: 191/ح12. تفسير القُمِّي: 745